وبعدها حاول يفكّرهم بربنا و يصحّي فيهم التقوى (فَاتَّقُواْ اللّهَ)
وفي محاولة يائسة منه للمس النخوة جواهم قالهم (وَلاَ تُخْزُونِ فِي ضَيْفِي) .. [آية 78 : سورة هود ]
يعني لا تُلحقوا بي العار والذل بإنكم تئذوا ضيوفي وتجبروهم على عمل الفاحشة
لكن لا حياة لمن تنادي .. غلبت عليهم شهوتهم وسيطرت عليهم أهوائهم .. فأصرّوا على طلبهم (قالوا لقد
علمت ما لنا في بناتك من حق وإنك لتعلم ما نريد ) .. [ آية 79 : سورة هود ]
إزداد حزن سيدنا لوط , حس إنه لوحده , راجل غريب جاي من بعيد من غير عشيرة تحميه ولا أولاد ذكور يتسند
عليهم وينصروه
قفل الباب ورجع لضيوفه .. كان الضيوف هادئين جداً مش باين عليهم أي خوف أو اضطراب
فإندهش سيدنا لوط من رد فعلهم رغم كل الي سمعوه!
إبتدا القوم يخبطوا جامد على الباب
سيدنا لوط في عز الضيق قال ياريت كان عندي عشيرة وقوة تخليني أحمي ضيوفي منهم , أو مكان ينفع أحتمي بيه منهم انا وضيوفي (قَالَ لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ) .. [ آية 80 : سورة هود]
سيدنا لوط كان عارف إنه تحت حماية الله الي أشد من أي ركن وأقوى من أي قوة .. لكن المقصود كان رغبته في أي حاجة فورية تمنع الناس دي من إيذاء الضيوف
ومن رحمة ربنا ومن صدق نية سيدنا لوط , ربنا إستجاب فعلا لطلبه قبل حتى مايطلبه .. فـ بعتله الحماية الفورية والقوة الجبارة قبل ما يتمناها ..
[ حبيبنا النبي لما كان بيقرأ الآية دي كان بيقول ” رحمة الله على لوط لقد كان يأوي إلى ركن شديد ” ..]
لما الضيق بلغ ذروته واشتد بـ لوط كربه وقال كلمته
إتحركت الملايكة وقامت , قالوله ماتخافش يا لوط , إنت فعلا تحت حماية ركن ربك الشديد .. إحنا ملائكة وربنا بعتنا هنا عشان ننجيّك .. (وَقَالُوا لَا تَخَفْ وَلَا تَحْزَنْ إِنَّا مُنَجُّوكَ وَأَهْلَكَ إِلَّا امْرَأَتَكَ كَانَتْ مِنَ الْغَابِرِينَ ) [ آية 33 :
سورة العنكبوت ] ..
وننفذ العذاب على قومك ..(قالوا إنا مهلكو أهل هذه القرية إن أهلها كانوا ظالمين) .. [ آية 31 : سورة العنكبوت ]
أشار جبريل بـ إصبعه [ أو يُقال بـ جناحه] .. فإتعمى الناس من ورا الباب .. (وَلَقَدْ رَاوَدُوهُ عَن ضَيْفِهِ فَطَمَسْنَا أَعْيُنَهُمْ فَذُوقُوا عَذَابِي وَنُذُرِ) .. [ آية 37 : سورة القمر]
إلتفتت باقي الملايكة لسيدنا لوط وقالوله خد أهلك وأخرج من البلد فوراً
ومحدش فيكم يلتفت ولا يبص ورا أبداً
هتسمعوا أصوات تهتز من فظاعتها الجبال , لكن إوعوا تلتفتوا والي هيلف وشه ناحية القرية بعد ماتطلعوا منها هيصيبه من العذاب زي الي هيصيبهم
تخيل مدى العذاب! .. عذاب بيصيب الشخص بمجرد النظر إليه!
ساعتها الملايكة بلّغت سيدنا لوط إن زوجته كافرة .. هي صحيح هتخرج معاه هو وأهله , لكنها كفرت وكانت من
الغابرين , فـ هتلف وشها وهيصيبها زي الي هيصيبهم وبكده يتحقق العدل في إنها ماتهربش من العذاب رغم الكفر ..
(فأنجيناه وأهله إلا امرأته كانت من الغابرين) .. [آية 83 : سورة الأعراف] ..
الغابرين معناها الهالكين ..
[وفي تفسير تاني بيقول إنها ماخرجتش معاهم اصلا , يُذكر إن سيدنا لوط بعد ماعرف إنها من الهالكين ما قالهاش إنه هيخرج .. والسبب إنه جاله الأمر الربّاني في الآية (فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِّنَ اللَّيْلِ وَلَا يَلْتَفِتْ مِنكُمْ أَحَدٌ
إِلَّا امْرَأَتَكَ إِنَّهُ مُصِيبُهَا مَا أَصَابَهُمْ) هنا فسرها بعض العلماء إن المقصود باللإستثناء هو إستثناء امرأتك من “فأسْرِ بأهلك” .. فـ بعد مراعاة قواعد اللغة والبلاغة والمُقدم والمؤخر .. هتبقى الجملة ” فأسر بأهلك إلا امرأتك”
بمعنى إن ربنا أمره ياخد أهله كلهم إلا زوجته
وفي الحالة دي بيفسروا كلمة “الغابرين” بـ الباقيين للهلاك .. يعني الي قعدوا في البلد ووقع عليهم العذاب ..
فتكون هي من الغابرين الي ماخرجوش من البلد وفضلوا فيها وأصابهم العذاب]
سيدنا لوط سألهم هو العذاب هيحصل دلوقتي ؟! [ و في تفسير القرطبي وابن كثير مذكور انه سيدنا لوط
إستعجل العذاب لقومه .. فالملائكة ردت عليه بإن معاد العذاب ربنا كتبه وحدده في صباح اليوم التالي , وصبّروه بإن الصباح مش بعيد]
(إِنَّ مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ) .. [آية 81 : سورة هود]
[ لكن حتى تأخير العذاب ده كان فيه حكمة .. الظاهر إن دي كانت مهلة لسيدنا لوط مش لقومه .. مهلة للنبي
هو وأهله عشان يبعدوا قدر المستطاع عن القرية قبل مايتحقق فيها العذاب]
فعلا فوراً وفي ظلمة الليل خرج هو وبناته[ وقد تكون زوجته خرجت معاهم ] , إبتدوا يمشوا بعيد لحد ما الصبح
قرّب ..الصبح إبتدا يطلع والعذاب إبتدا يحصل
جبريل بطرف جناحه إقتلع مدنهم السبعة ورفعها كلها لفووق في السما .. وبعدين قلَبهم مرة واحدة و رزعهم في
